محمد جربوعة
ما من عاقل إلا ويثمّن للدكتور عبد الله النفيسي وعيه السياسي ، غير أنّ الحقيقة التي يجب أن تقال هو أنّ ما دعا إليه الدكتور النفيسي مؤخرا وأعاده مرارا من وجوب توحد الدول الخليجية في كيان واحد،لن يحل المشكلة..
إن الدول الخليجية مجتمعة لا تساوي ربع القوة البشرية لإيران،ناهيك عن القوة العسكرية..لذلك فإن دعوة الدكتور عبد الله قد تنقذ الخليجيين من الموت منفردين إلى الموت مجتمعين.
إنه زمن التحالفات الكبرى والتقطبات الضخمة، ولا يمكن مواجهة اصطفاف نصف مليار شخص بعشرين مليون شخص مذعورين من مستقبل لن يكون في صالحهم..
إنّ المرحلة القادمة ،وأعني بعد قرابة خمس سنوات ستلحق الخليج كله بالأحواز، بطريقة أو بأخرى، بحيث تصبح إيران سيدة المنطقة،تأمر وتنهى وتُطاع ولا تعصى.. سيتحول المركز من واشنطن إلى طهران..أما الأطراف فهي الأطراف مع هذا مثلما مع ذاك.
وستتحول المسؤولية الأمنية في المنطقة ليد طهران، وآنذاك فباسم الالتزام بالمعركة الكبرى ضد إسرائيل والغرب لن يكون مسموحا لأي شخص أو جهة أو دولة بأن تلعب خارج النسق والسياق الإيراني..فلا صوت يعلو على صوت المعركة..
سيتم ضبط المنطقة ضبطا تتحكم فيه الآلة الأمنية بكل الخيوط، وآنذاك سيُتخطّف الناس في وضح النهار،وستنصب لهم المشانق باسم تهمة زرع الوهن أو الفوضى في صفوف الأمة وهي في حال حرب.. وستكثر تهم الخيانة ..
أظنّ أن الواجب الآن البحث عن طريق آخر،عن رؤية أخرى، عن مشروع آخر لا يهتم بمصادمة إيران أكثر مما يهتم بمنافستها في الخط الذي التزمته بينما فرّط العرب وتهاونوا.
إنّ ما يصيب العرب اليوم ليس سوى نتيجة حتمية لاصطفافهم في صف التعصب بدل الحق..التعصب باسم "أهل السنة" لدول خذلتنا مثل مصر وغيرها.. دول لا تعرف أهل السنة إلا إذا تعلق الأمر بإيران.
مصر هي سبب ما حاق بنا من الكوارث والتراجعات،لقد دلتنا في البئر ثم تراجعت هي إلى مشاريع موازية لمشروع إيران النووي..ومنها بناء الجدار الفولاذي.
هل يمكن لضابط استخبارات مثل عمر سليمان أن يكون ممثلا لكل الشعوب السنية في الإشراف على القضية الفلسطينية؟
ثم بعد ذلك نلوم غيرنا؟
ثم..لماذا تستثنى اليمن من مشروع مواجهة فعلي؟ في اليمن رصيد شعبي كبير ..بعيدا عن حسابات النفط والغنى والفقر.."لا بد من صنعا وإن طال السفر" على حد تعبير الشاعر..لا بد من صنعا في معادلة المغالبة والمواجهة والتقطب.
ثم ..لماذا التوجه إلى الأنظمة الرسمية لتحقيق قطبنا العربي الإسلامي؟
الأنظمة الرسمية لن تخسر شيئا بالتحول من الوصاية الأمريكية إلى الوصاية الإيرانية.. فقد تعوّدت على ذلك .. وستبدي معارضة في الأول مثل أي أرنب يحاول الذئب إمساكه من أذنيه..لكنها سرعان ما تستكين وتسلم ..وتبيع مقابل أن تبقى..
لذلك ..يجب التوجه إلى الشارع ..ولا بأس مع ذلك بمساندة رسمية لأية دولة إن هي رأت ذلك ..
إنّ الأمر يقتضي أن لا يُستغنى عن ملياري مسلم إلى عشرين مليون خليجي.. لذلك نقول للدكتور عبد الله النفيسي ارفع السقف يا دكتور .. فهذه الأمة الكبيرة فيها من أهل الوعي مئات ملايين يمكن أن تتحصن بهم وتحصّن بهم دينها ولغتها وثقافتها وأرضها ومصالحها.. فقط أن يوجد هناك مشروع وراية.
مرارا أحاول توجيه أبناء الأمة إلى الأجدى والأجدر.. لكن بعضهم يتوجه بها نحو ضيق مشاريع وجزئي همّ..
أول الخطو في هذا المشروع الكبير هو الإيمان بأنه يستأهل النقاش..نقاش محتدم وجاد سيكون بداية للتفاعل..لذلك ندعو أهل الوعي إلى تفعيل النقاش وطرحه ..
للأسف ..البعض يستفرغ جهده في إيجاد حل للعراق..والبعض في مناقشة تناقضات الإخوان..والبعض في اتهام أبي محمد المقدسي ..والبعض في فتح النار على حماس..والبعض غارق في الانتقاص المرتبك من غول أردوغان الذي تخشى سيطرته على الشارع العربي والإسلامي، والبعض يناقش مشكلة عقدية عويصة هي لقب "جربوعة" وضرره الكبير على الأمة الإسلامية بملياريها..
هل حل كل مشكلة من هذه المشاكل سينهي أزمتنا؟
الأمر أخطر من هذا يا قوم..أخطر والله ..لكن إلى الله نشكو...
djamohd@gmail.com
ما من عاقل إلا ويثمّن للدكتور عبد الله النفيسي وعيه السياسي ، غير أنّ الحقيقة التي يجب أن تقال هو أنّ ما دعا إليه الدكتور النفيسي مؤخرا وأعاده مرارا من وجوب توحد الدول الخليجية في كيان واحد،لن يحل المشكلة..
إن الدول الخليجية مجتمعة لا تساوي ربع القوة البشرية لإيران،ناهيك عن القوة العسكرية..لذلك فإن دعوة الدكتور عبد الله قد تنقذ الخليجيين من الموت منفردين إلى الموت مجتمعين.
إنه زمن التحالفات الكبرى والتقطبات الضخمة، ولا يمكن مواجهة اصطفاف نصف مليار شخص بعشرين مليون شخص مذعورين من مستقبل لن يكون في صالحهم..
إنّ المرحلة القادمة ،وأعني بعد قرابة خمس سنوات ستلحق الخليج كله بالأحواز، بطريقة أو بأخرى، بحيث تصبح إيران سيدة المنطقة،تأمر وتنهى وتُطاع ولا تعصى.. سيتحول المركز من واشنطن إلى طهران..أما الأطراف فهي الأطراف مع هذا مثلما مع ذاك.
وستتحول المسؤولية الأمنية في المنطقة ليد طهران، وآنذاك فباسم الالتزام بالمعركة الكبرى ضد إسرائيل والغرب لن يكون مسموحا لأي شخص أو جهة أو دولة بأن تلعب خارج النسق والسياق الإيراني..فلا صوت يعلو على صوت المعركة..
سيتم ضبط المنطقة ضبطا تتحكم فيه الآلة الأمنية بكل الخيوط، وآنذاك سيُتخطّف الناس في وضح النهار،وستنصب لهم المشانق باسم تهمة زرع الوهن أو الفوضى في صفوف الأمة وهي في حال حرب.. وستكثر تهم الخيانة ..
أظنّ أن الواجب الآن البحث عن طريق آخر،عن رؤية أخرى، عن مشروع آخر لا يهتم بمصادمة إيران أكثر مما يهتم بمنافستها في الخط الذي التزمته بينما فرّط العرب وتهاونوا.
إنّ ما يصيب العرب اليوم ليس سوى نتيجة حتمية لاصطفافهم في صف التعصب بدل الحق..التعصب باسم "أهل السنة" لدول خذلتنا مثل مصر وغيرها.. دول لا تعرف أهل السنة إلا إذا تعلق الأمر بإيران.
مصر هي سبب ما حاق بنا من الكوارث والتراجعات،لقد دلتنا في البئر ثم تراجعت هي إلى مشاريع موازية لمشروع إيران النووي..ومنها بناء الجدار الفولاذي.
هل يمكن لضابط استخبارات مثل عمر سليمان أن يكون ممثلا لكل الشعوب السنية في الإشراف على القضية الفلسطينية؟
ثم بعد ذلك نلوم غيرنا؟
ثم..لماذا تستثنى اليمن من مشروع مواجهة فعلي؟ في اليمن رصيد شعبي كبير ..بعيدا عن حسابات النفط والغنى والفقر.."لا بد من صنعا وإن طال السفر" على حد تعبير الشاعر..لا بد من صنعا في معادلة المغالبة والمواجهة والتقطب.
ثم ..لماذا التوجه إلى الأنظمة الرسمية لتحقيق قطبنا العربي الإسلامي؟
الأنظمة الرسمية لن تخسر شيئا بالتحول من الوصاية الأمريكية إلى الوصاية الإيرانية.. فقد تعوّدت على ذلك .. وستبدي معارضة في الأول مثل أي أرنب يحاول الذئب إمساكه من أذنيه..لكنها سرعان ما تستكين وتسلم ..وتبيع مقابل أن تبقى..
لذلك ..يجب التوجه إلى الشارع ..ولا بأس مع ذلك بمساندة رسمية لأية دولة إن هي رأت ذلك ..
إنّ الأمر يقتضي أن لا يُستغنى عن ملياري مسلم إلى عشرين مليون خليجي.. لذلك نقول للدكتور عبد الله النفيسي ارفع السقف يا دكتور .. فهذه الأمة الكبيرة فيها من أهل الوعي مئات ملايين يمكن أن تتحصن بهم وتحصّن بهم دينها ولغتها وثقافتها وأرضها ومصالحها.. فقط أن يوجد هناك مشروع وراية.
مرارا أحاول توجيه أبناء الأمة إلى الأجدى والأجدر.. لكن بعضهم يتوجه بها نحو ضيق مشاريع وجزئي همّ..
أول الخطو في هذا المشروع الكبير هو الإيمان بأنه يستأهل النقاش..نقاش محتدم وجاد سيكون بداية للتفاعل..لذلك ندعو أهل الوعي إلى تفعيل النقاش وطرحه ..
للأسف ..البعض يستفرغ جهده في إيجاد حل للعراق..والبعض في مناقشة تناقضات الإخوان..والبعض في اتهام أبي محمد المقدسي ..والبعض في فتح النار على حماس..والبعض غارق في الانتقاص المرتبك من غول أردوغان الذي تخشى سيطرته على الشارع العربي والإسلامي، والبعض يناقش مشكلة عقدية عويصة هي لقب "جربوعة" وضرره الكبير على الأمة الإسلامية بملياريها..
هل حل كل مشكلة من هذه المشاكل سينهي أزمتنا؟
الأمر أخطر من هذا يا قوم..أخطر والله ..لكن إلى الله نشكو...
djamohd@gmail.com