[justify] بسم الله الرحمن الرحيم
ليت لبعض من تشبث حكما وادعى قيادة شيء مما لديه من
شهامة ورجولة وكرامة ووفاء وكبرياء
في عام 1979 وفي قيظ صيفنا الذي لا يطيقه ولا يألفه غالبا غير العراقيين ، فوجئت فجرا باتصال هاتفي من صديق لي من الكويت يعلمني بوصوله بغداد وانه تواق للقائي ولكن بعد إنهائه بعض الالتزامات التي قدم من اجلها ، والذي رفض الإفصاح عنها لحين الانتهاء منها وأن انتظر منه اتصالا آخر .
الأخ الكويتي كنت تعرفت عليه خلال ترددي على الكويت لإغراض العمل ، ويعلم الجميع ما كانت تعنيه الكويت من بوابة مهمة للعراق اقتصاديا في فترة تنفيذ الخطة الانفجارية ، وحيث ما التقيته في الكويت كان فيض مشاعره المحبة للعراق والعروبة تتدفق من كل حركة أو حرف ينطقه ، يتشارك معه في ذلك إخوانه وأهله وأصحابه حيث ما حللنا ضيوفا برفقته ، وهذا هو حال اغلب أهلنا في الكويت حينذاك ، وكان دائم الاستفسار عن سر قوة الحزب الذي يقود ، والقيادة التي تمسك بزمام المقود تحديا لكل الصعاب والمعوقات ، وهذا الالتفاف الجماهيري غير المسبوق والذي لم نلحظه لأي نظام عربي آخر ، وسر التعلق الجماهيري عراقيا وعربيا بالسيد النائب أبو عدي .
في مغرب ذات اليوم كرر الاتصال الهاتفي ليعلمني بأنه حر من إي التزام ولنتفق خلاله على موعدا للعشاء في مطعم فاروق قرب معرض بغداد ، والمعروف مستواه وسمعته حينذاك لأهل بغداد ،
التقينا وإذا بزائري الكويتي في وضع سعادة لا يمكن وصفه ، احكي لنا أخي ( ولنسمه أبو علي المطيري ) ما قصة مجيئك إلى بغداد بهذا الوقت من السنة ، وما هذا حال السعادة التي أنت فيه والواضح على محياك ، وهل هناك ما تفرحنا به معك ، أجاب وكله ثقة ، أجل ، إن ما احمله يفرح كل وطني وقومي شريف لا بل يفرح امة العرب جميعا ، وان ما شاهدته وما سمعته لا يمكن أن يوصف أو يصدق ... أخي المطيري ادخل بالموضوع مباشرة وارحمنا رحمك الله لشدة ما شوقتنا سماعه ، أجاب :
بكل اعتزاز قدَّمت وعدد من الشباب الكويتي طلبا لمقابلة الرئيس صدام حسين أبو عداي حال سماعنا خبر تسنمه منصب رئاسة الجمهورية للتهنئة بذلك ، ولحد هذه اللحظة غير مصدقين سرعة الموافقة عليها ، والتي بالمقابل شعرنا ضرورة وأهمية سرعة الاستجابة لها خاصة وقد بلغنا إتمام إجراءات دخولنا العراق ، لذا كان لا بد من الحجز على أول طائرة مغادرة الكويت إلى العراق وهو ما حصل فعلا ، وانه في هذه اللحظة التي هو فيها والمكان المتواجد فيه (بغداد) غير قادر تصديق ما أنجز كونه أقرب للخيال لسرعة مجرى كل اللحظات السعيدة التي حدثت والتي هي الأسعد في حياته ورفاقه الذين معه ، وانه قادم للقائنا هذا بعد أن انهوا لقائهم بالرئيس أبو عداي ، وانه سعيد لحجم الأمل والتفاؤل الذي عبر عنه الرئيس عن رؤيته لمستقبل العراق والأمة العربية ، وسعيد أيضا لعلمهم أنهم من أوائل من حضوا بلقائه من العرب وهو في موقعه المسئول الجديد هذا ، واخذ زائري الكويتي متحدثا عن اللحظات السعيدة التي عاشها والتي لا يعرف كيف مرت لما انطوى عليه اللقاء من غنى في الضيافة والترحيب وغنى وشمولية النظرة في الحديث والتحليل والاستقراء لكل ما يدور في المنطقة والعالم ، والمقدرة العالية التي فوجئوا بها التي يتمتع بها الرئيس صدام في استيعابه لأحداث العراق والوطن العربي والعالم ، وقد بدا ضيفنا شعلة من الحماس في وصف اللقاء ووصف ما تم خلاله ووصفه للمناقب الحميدة والخصال الفريدة التي يتميز بها قائد العراق الشاب ، الممتلئ نضوجا وطموحا ، ولتأخذه الحماسة بالطرح لمدى لفت انتباه اغلب المتواجدين في المطعم لحظتها ، ويعلم من زار المطعم انه على الرغم من سمعته الكبيرة ، فقد كان صغير المساحة وقليل الاستيعاب نسبيا وغالبا ما يكون مزدحما لآخره. وهو بحديثه منشرحا ومستمرا في عرض التفاصيل ، وفي جو الحماس هذا أومأ بالسلام لي احد رفاقنا الجالسين ممن كان كادرا في مكتب فلسطين والكفاح المسلح حينها ( فقد في أحداث المحمرة عام 82 ) ، مستأذنا مشاركتنا ومن معه جلستنا حيث رحبت به ورفاقه بعد موافقة ضيفي الكويتي ، وبعد جلوسهم اتضح أن مرافقيه ( فتاة وشاب ) يمثلون شباب عدد من المدن والقرى والبلدات ، داخل فلسطين المحتلة (عام 1948 ) ، وإنهم على وشك مغادرة القطر بعد أن انهوا الغاية من مجيئهم بنجاح ، ومنذ جلوسهم معنا بدا واضحا أن حماس الفتاة ومقدرتها لا يضاهيه أو يقترب منه إلا حماس ضيفنا الكويتي الشاب ( الذي تمت تصفيته فيما بعد على أيدي جلاوزة الأجهزة الأمنية الكويتية لنشاطاته القومية )، وان حماستها أضفت للجلسة وميزتها القومية بعدا خلابا لجميل أطروحاتها فيما يخص مستقبل القضية الفلسطينية ، والدور المؤثر لعرب الداخل فيها ، وأخذت تمحص وتسأل عن كل شاردة وواردة في حديث ضيفي الكويتي عن لقاءه الذي كثيرا ما فاجئها وصفه للسيد الرئيس رغم عمق معرفتها به وبخصاله وإلمامها بكثير من التفاصيل والواضح من حديثها المتواصل ، وقد كان أكثر ما يزعجها أن الرئيس القائد وهو يتسنم منصبه الجديد ، سيشكل له عائقا رئيسيا يقيد حركته النشطة التي عرف بها ، وان تقاليد الرئاسة وأحكامها وتأثيرات زملاء المنصب من الحكام العرب سيكون له بالغ الأثر في تجريده من ميزته هذه ،وحسب إيمانها الذي كررته أكثر من مرة ، أن العرب بحاجة إلى قادة كصدام حسين يأخذوا بيد شعوبهم إلى الموقع الذي ينشدوه إلى المستقبل السعيد للآمة، وهم ليسوا بحاجة إلى حكام بان ضعفهم وتفريطهم بآمال شعوبهم بأكثر من منازلة ومناسبة، وحقيقة عجزنا عن إقناعها أن صدام حسين لا يمكن أن يكون حاكما مثل بقية الحكام ، وان الأيام سوف تثبت لها ذلك ، وقد انتهى لقاء المصادفة هذا بإشادة الحضور العرب لما للرئيس الشاب صدام من دور مرتقب في الأحداث والارتقاء بالعمل العربي والنهوض بالمسؤولية القومية تجاه فلسطين وكافة مشاكل الأمة العربية .
ونحن نهم بالخروج إذا بالسيد برزان إبراهيم التكريتي نائب رئيس المخابرات ، يدخل ومرافق له المطعم ، ومن طريقة الاهتمام التي حضي بها من قبل إدارة المطعم أو من الزبائن الذين يعرفونه ، علمت محدثتنا انه شخصية مهمة وحين سألتنا وعرفت هويته ، سارعت وبحماستها التي ألفناها نحوه والتعريف بنفسها دون إذن مسبق ، وبالمباشر راجية منه أن يبلغ الرفيق أبو عدي قلقها ومن تمثلهم من أن يسلب منصب الرئاسة توهجه وحماسه للقضايا الوطنية والقومية ، وإنها لو كانت رغد أو قريبة للرئيس لما وافقته على ذلك ، وبما فاجأت به بتصرفها هذا السيد برزان ، الذي والحالة هذه كان لابد من أن يتعرف على بقية الحضور معها ، وبعد أن غادرنا عاد مرافقه ليطلب من رفيقنا المنوه عنه أعلاه ، تزويــده بالرقم الهاتفي الخـاص به .
بعد منتصف الليل يرن جرس الهاتف وإذا بمدير مكتب نائب رئيس المخابرات يبلغ بتوجيهه السيد نائب رئيس المخابرات ، المتضمن سلام الرفيق القائد ( مشددا ليس الرئيس ) لها وان تطمئن وكل مناضلي فلسطين أن صدام حسين لم ولن يكن إلا ثائرا من اجل فلسطين والأمة ولن يحيده عن هذا أي عامل صغر أم كبر ، وإنها وهي في وضعها النضالي لدينا اكبر وأعز من رغد ، أو أي ذي صلة بصدام حسين مهما قربت . هذا ما علمناه في صبيحة اليوم التالي ، ولما كانت الرفيقة المذكورة ضيف مكتب فلسطين ولمغادرتها القطر بذات الليلة وبعد عشاء التوديع الذي أقيم على شرفها ، فقد علمنا من رفيقنا المعني أن المكتب سيعالج موضوع إبلاغها الرسالة المتضمنة توجيه السيد الرئيس على وجه السرعة وبوسائله الخاصة .
ليتمعن الأخ القارئ جيدا وبحيادية مطلقة لموقفه رحمة الله عليه ورضاه وهو في بداية عهده قائدا للعراق ، من مشاكل الأمة وفي مقدمتها قضية فلسطين وما ورد أعلاه سوى واحد من هذه المواقف ، وليقارن البداية مع ما انتهت إليه الأمور والتي خاتمتها كانت الهتاف مجلجلا لنصرة فلسطين والأمة قبل نطقه الشهادة مؤمنا صادقا بإذن الله ، وما بينهما من مواقف طيلة تحمله المسؤولية بجد وشرف لم تثنه أبدا مخاطر ما مر به شخصيا والعراق من الانتصار دوما لفلسطين والأمة قولا وفعلا شجاعا مباركا، ولم تتزحزح مواقفه الوطنية والقومية قيد أنملة ، وظل داعيا إلى الوعي والصمود بوجه الإعصار الصهيوني المغلف أمريكيا والذي يستهدف ليس صداما أو العراق وإنما يستهدف الأمة من خلال محاولة فرضهم لشروط الحياة وشكلها الذي نعيش ، وهو ما تم تنفيذه من خلال الغزو الأمريكي المؤيد رسميا من اغلب النظام العربي والاحتلال الذي فرض على العراق وتنصيب إمعات تحكم لصالح الولايات المتحدة الأمريكية وإيران في مقاربة لا يمكن أن تحدث من دون التقاء مصالح استراتيجي بينهما يحرص الطرفان على نفيه إمعانا في تضليل النظام العربي والفرد العربي عن حقيقة ما يجري وما هو مخطط للأمة وأقطارها . رحمك الله أيها الرمز الخالد بإذنه تعالى صدام حسين المجيد وتقبّل شهادتك وجعل مثواك الجنة بين من تحب من الرسل والصديقين والصالحين ، فوا لله قد كفيت ووفيت ، ولا نعلم إن كنا سنعاصر قائدا يقترب مما حملته من حسن السلوك والصفات والشجاعة والعفة والإقدام .
اليوم والعراق قد لحق به ما لحق جراء تواطؤ متعدد الجوانب وإذعان لا شبيه له لصالح الصهيونية العالمية ، فأن قراءات الأمس وخطاباتها أصبحت ليس ذات جدوى ، إن لم تقترن بفعل البطولة المستنبط والمستحدث من آلام الوطن والشعب والأمة بفعل الاحتلال وعملائه ، وإذ توالت الأيام بين مد وجزر وكان واضحا بجميع أحوالها ومتغيراتها أن الثابت فيها هو مبدئية الرئيس صدام حسين وحرصه الشديد تطويع كامل المتغيرات مهما عظمت لهذه المبدئية . واليوم والرئيس الشهيد رحمة الله عليه ورضاه غادرنا بأبهى صور البطولة والعنفوان لم ينكث له عهدا ، ولم يساوم ولو على جزء من المبدأ وظل مرفوع الهام ، علينا أن نقر أن التاسع من نيسان 2003الذي أرادوه أن يكون يوم حزن وسواد في حاضرنا ممتدا إلى مستقبل مسعاهم الجدي أن لا يختلف عن اليوم الذي نعيش إن لم يكن الأسوأ ، علينا وبإرادتنا التي سوف لن تلين بإذن الله أن نجعله يوم ولادة جديدة للقائد العظيم وللبعث العظيم ، وما أنجز خلال أعوام الاحتلال المنصرمة (رغم شدتها ) من انجازات على صعيد مقاومة المحتل إلا تأكيدا لذلك ، ولكن هل ما تم انجازه أوصلنا إلى هدفنا بتحرير الوطن ، وهل هناك ما يمكن أن نضيفه كي تتمكن بنادقنا وأقلامنا وكل قوانا مجتمعة من دحر العدوان وعملائه ، نقول نعم علينا أن نجد دائما عناصر جديدة للتعجيل بالنصر من خلال البحث والتقصي ومن خلال تحليل كل مفردة مرت من مفردات عملنا المقاوم ، ومهما كانت نتيجتها ( سلبا أم إيجابا ) للعثور من خلالها على ما هو مستجد نفاجئ به العدو ، ولا يخفى أن من بين أكثر نقاط العدو ضعفا رغم جبروت قوته المسلحة ، هو جهله بتفاصيل الحالة العراقية ، واعتماده بشكل كامل على ما يسمعه من عملائه ، وهذه الميزة المحسوبة لصالح العمل المقاوم تبقى ظرفية لقدرته تجاوزها من خلال ما يمكن أن يحققه جراء نشاطه ألاستخباري ، وجراء إخضاعه العديد من أبناء شعبنا للاعتقال والتحقيق معهم وبما يمكنه من توظيفها لتعزيز قاعدة معلوماته ويمنحها القدرة على اللحاق بالفعل المقاوم إن لم يتمتع الأخير بميزة المناورة العالية والمراوغة في الميدان وقدرته على إرباك أجهزة استخبارات العدو من خلال جهد إعلامي وتنظيمي مموه ومخادعة فاعلة مسيطر عليها ، تسند الفعل المنفذ والمخطط له ويكون قادرا على إيجاد البدائل وابتداعها وبما يوفر للعمل المقاوم عناصر الحماية اللازمة ، وعناصر ومقومات مفاجئته وقت حاجتها وبما يصيبه بمقتل ، والأخطر في ذلك الذي يفترض تجنبه أن يتمكن المحتل من بناء قاعدة معلومات ونظم استخبارات تمكنه ليس فقط اللحاق بالعمل المقاوم ، لا بل انتظاره وإحباطه قبل الشروع به ، وهذا ليس مستحيلا في الجانب النظري إن لم ترتق فصائل الجهاد إلى مستوى متقدم من الأداء التنظيمي والميداني والتنسيق عالي المستوى بين أطرافها والعمل على انسيابية المعلومة التي تخص العدو بكل يسر بين فصائلها وفق ضوابط أمنية صارمة ، ومفيد التذكير أيضا أن من بين الأسباب الرئيسية للعدوان والغزو الأمريكي للعراق ومن ثم احتلاله هو الانتصار للكيان الصهيوني ، بعد أن تمكنت قيادة الرئيس الشهيد صدام حسين رحمة الله عليه ورضاه من إحباط الوظيفة الإستراتيجية لهذا الكيان في إطار المخطط الأمريكي للسيطرة على المنطقة والعالم ، لما حققته من قفزات نوعية على كافة المستويات لتجعل من العراق قوة محورية ناشئة على مستوى الإقليم والمنطقة والعالم تتطلع لأفق مفتوح رآه البعض شديد الخطورة على المصالح الأمريكية والغربية ، وبما لا يمكن أن يترك دون إعاقة وبأي ثمن كان ، لما يترتب من انطلاقتها من إضرار بالمصالح والقوة الأمريكية وطموحها في إخضاع العالم لسيطرتها ، لنصل إلى نقطة الارتباط التي دائما ما أكدها الحزب ومؤسسه رحمه الله أن فلسطين طريق الوحدة والوحدة طريق فلسطين ، وهو الهدف الذي لازم رئيسنا الغالي رحمه الله وحتى آخر لحظات حياته حين نادى منتصرا لفلسطين وهو شامخا يعتلي المنصة التي أرادوها لقتله بكل الكبرياء والرجولة والأيمان بالله والمبادئ ليجعل منها سلما للمجد والرجولة والإباء ، فهل يا ترى تشح فلسطين وأهلها النجباء عن نصرة العراق ونصرة الشهيد صدام حسين رحمة الله عليه ورضاه ، وهل أن كلمات التمجيد والاحتفالات البروتوكولية التي تقام بهذه المناسبة أو تلك في داخل فلسطين هي كافية للتعبير عن عمق العلاقة بين الثورتين وبين الشعبين ،هنا يحضرني قولا للإمام الشافعي رحمه الله ( لا خير في ود أمريء متلون ... إذا ما الريح مالت مال حيث تميل ) ، فهل يا ترى لم يدرك إخواننا في فلسطين بعد.. أن احتلال العراق من قبل الإدارة الأمريكية ما هو إلا اعتراف صارخ بتمكين ( إسرائيل ) من كل المنطقة وليست فلسطين فقط ، وان ما سيحصل عليه النظام العربي الذي أيد المسعى الأمريكي بكل خسة وغباء ليس غير فتات المصلحة بينهما ووفق مشيئة الكيان الصهيوني وإرادته ، وليقس إخواننا في فلسطين ما هي النتائج المرجو الحصول عليها من الإدارة الأمريكية أو( إسرائيل ) ، وهل أن نضالات الشعب الفلسطيني وتضحياته مفتوحة النهايات ولا تستحق استمرارا لمعركة استرداد فلسطين من النهر إلى البحر وتصعيدا لها ، و لتمريغ العدو الصهيوني وحل الهزيمة وتعظيما لخسائره طالما أن نتيجة المساعي السلمية كما يحلو البعض تسميتها سوف لن تصل إلى نهاية قريبة ولن تصل ، وان وصلت فإنها سوف لن تلامس المصلحة الوطنية الفلسطينية في شيء ، وان أكثر ما سيجود به العدو الصهيوني ليس سوى تمكين البعض من عملائه للحصول على مكاسب وامتيازات تحت أي مسمى كان ، وليوظفه فيما بعد لصالحه ، وعلى حساب الكرامة والشرف الفلسطيني ، أ ليس من حقنا أن نسأل وبعالي الصوت أين هم شباب فلسطين مما يجري على أرضهم وعلى ارض العراق وغيرها من مواقع التصدي للإخطبوط الصهيوني المدعوم أمريكيا ، أين أبناء الداخل ( أبناء فلسطين 48 ) ممن كان لهم السبق في تشخيص نكوص بعض القيادات وسيرها في طريق تحقيق المصلحة الصهيونية تحقيقا لبعض المصالح الدنيا على حساب المصلحة العليا لفلسطين والأمة ، وأين رفيقتنا التي اشرنا لها ورفاقها ، ومتى يسمع لهم صوتا ؟ وأين أبطال الحجارة من شرفاء غزة والضفة الغربية مما يجري ويحدث ، الذين فرضوا الثورة والانتفاضة بإرادتهم الوطنية المجاهدة ، وأين استجابة كل عربي ومسلم لمتطلبات الشرع إن كان متوجها بصدق وإيمان في صلاته لرب العباد في مجاهدة الكافر المحتل لديار المسلمين ،
عالية دوما ثقتنا بشعبنا المجاهد في كل أرجاء أرض العروبة وأرض الهجرة والشتات كما هي ثقتنا بشعبنا المسلم في مواقع تواجده ، ولن يخدعنا انحراف البعض وملازمته الشيطان على حساب قيم الأرض والسماء ، ولكن المطلوب أيضا من أهلنا في كل مكان الاستجابة الفاعلة لمتطلبات الشرع ومتطلبات الدفاع عن النفس وصد العدوان وقبره وبما يجيد به كل منهم من كريم الأفعال والمواقف الملموسة والتي تمهد الطريق سويا صلبا نحو التحرير ، وان يشرع أبناء شعبنا وامتنا بالتخلي عن كل القيادات العاجزة أو تلك التي تورطت بإسناد المحتل من خلال صمتها المعيب أو تعطيل فعلها المقاوم واكتفائها بما تسبخ عليه وظيفتها بعنوانها المعارض للحاكم من منافع مادية وتشبثها في ذلك كفعل بروتوكولي تنشط حين يطلب منها ذلك وتسبت لاجترار المغانم في غيره ، حالها حال أي عضو في حكوماتنا العربية حكومات الخنوع والانبطاح ، وان يثب شباب هذه الأمة كما هو شأنهم دائما حماة لها قابضي على الجمر في سبيل رفعتها وعزتها ، وان يستيقظ من هو واهم بان مستقبل الشعوب ممكن أن يحققه الضعف والقنوط . أن القوة هي ليست السلاح وحده ، القوة قوة الإيمان حين نوظف كل شيء بتضحية وإخلاص لأجل شريف الهدف والمبدأ وهذا لا حدود له لمن أراد الانتفاض من اجل وطنه وتحريره وشعبه وأمته .
في ذكرى تسنمه الموقع الأول في الدولة رحمة الله عليه ورضاه ، لا يسعنا إلا التأكيد إن الاستهداف الصهيوني الأمريكي للعراق وقائد العراق رحمه الله هو استهدافا للمنهج الذي سار عليه ، وان من اصطف دون علمه مع الهدف والمسعى الأمريكي الصهيوني في التخلص من النظام الوطني في العراق وقائده البطل لا نقول له إلا انك أخطأت بحق الله والوطن والشعب ونكررها بلا خجل ، ولمن تعمد الانخراط بالمشروع الدموي ألاحتلالي الأمريكي انك أجرمت بحق نفسك وشعبك ووطنك حين طأطأت الرأس صاغرا لأعداء الأمة والشعب ، ولتمهد بفعلتك القذرة السبيل لتدمير العراق حاضرا ومستقبلا ، بشرا وحجرا ، وما الفشل الذر يع الذي أصاب مشروع الاحتلال ومن جاء به أو معه إلا شاهدا صارخا يعيشه المواطن العراقي صباح مساء خطرا داهما يهدد حياته على الصعيد الأمني ، ومهددا حياته جراء نقص الخدمات المريع وتفشي الأمراض الكبير بكل أشكالها العضوية والاجتماعية مع غياب كامل للخدمات ، وتآكل في الحصة التموينية لصالح سرّاق الشعب من كبار موظفي وزارة التجارة ومن اغلب وكلاءها ، وتفشي البطالة المتنامي ، فضلا عن عمليات التهجير المنظمة والتغير الديمغرافي الهادئ في كثير من مناطق العراق وتحديدا في العاصمة بغداد ، وتعاظم النفوذ الخارجي بكل ألوانه وأطيافه ومنها النفوذ الصهيوني في تسيير دفة الحكم وبرعاية أمريكية وبرضا وسكوتا مطبقا لمن تشدقوا بالعروبة والإسلام ، وبعالي الصوت نقول لهم ..فشلتم ونجح صدام بامتياز ، نجح يوم أدار البلاد في أحلك الظروف والمواجهات السياسية والعسكرية والأستخبارية والاقتصادية والاجتماعية مع خصومه الذين شكلوا اغلب دول العالم المؤثرة ، والعالم اغلبه يمد العدوان وأدواته بكل مقومات التأثير السلبي على العراق ، نجح وخلق من المستحيل ما مكنه من تسيير عجلة الحياة في العراق ومنعها من أن تتوقف ، وفشلتم يوم وقف العالم المنافق يؤيد كل أخطائكم وخارج الشرعية الدولية والأعراف الإنسانية ،دعما متواصلا بالمال والخبرات والمعدات والحماية الأمنية والعسكرية من دون أن يكون لكم أية دالة تؤشر أي نجاح في أي مرفق من مرافق الحياة عدا نجاحكم المهين في بيع الشرف والعزة والكرامة وتفريطكم بالعرض والأرض مقابل عيشكم خنّع في أقفاصكم في المنطقة الغبراء تلوكون ما يرمه لكم المحتل من فتات ، قبحكم الله واقتص منكم بعدله وغضبه ، وثانية نجح صدام وفشلتم يوم قاد المقاومة الوطنية للمحتل لتسطر بأحرف من نور في سفر التاريخ مآثر لا يمكن إلا أن تخلد عنوانا صارخا لوطنيته ومبدأيته ، وانتم ومن جئتم به وجاء بكم هلعون ليس لكم في العراق الذي دمرتموه موطئ قدم آمن ، ونجح صدام وفشلتم حين حاكم قاتلوا شعبه وجلادوه في محكمة العار التي نصبتم وانتصر انتصارا باهرا في فضح كل الزيف الذي روجتم له وفاح كل النتن الذي ظننتم أنكم ساتروه ، وانتصر صدام وخسئتم حين اعتلى سلم المجد مكبرا للواحد الأحد منتصرا للعراق ولفلسطين وللأمة ، منتصرا للعدل والإنسانية وفشلتم حين لم تجدوا ما يستر عيوبكم وأشكالكم القبيحة غير الخرق السوداء التي ارتديتم ، وبهذه المناسبة نقول لإبطال الجهاد أمل الأمة في العزة والتحرير، أن الكيان الصهيوني ومن يدور معه في الفلك الأمريكي ( وإيران ليست بعيدة عنه ) سوف لن يسمحوا لأية قوة بالبروز تعمل لأجل معافاة العراق وإعادته وطنا رائدا سيدا على أرضه حاكما لنفسه حرا بخياراته ، وان خيار المقاومة لمن ينشد الحرية والاستقلال لن يكون إلا الخيار الأهم والحاسم في المنازلة التي تدور والأطول أمدا ، وعليه فان استعجال النتائج دون التحضير المتقن لحسم نهاياتها لمصلحة الوطن والآمة ومن دون إدامة زخم الأذى والخسائر بالمحتل وأعوانه سوف لن يكون إلا سببا في إرباك مسيرتنا نحو الحرية ودحر المحتل ، وان كان للمحتل أن يراهن على عامل الزمن في حسم عدوانه لصالحه ، علينا أن نجعل من رهانه هذا شركا متواصلا يجني ثمار حماقاته فداحة في الخسائر المادية والمعنوية وصولا إلى هدفنا الرئيس في دحره .
ارحم اللهم شهداء العراق أشراف العراق ، وفرج اللهم كرب العراقيين بنصر تكلل به جهد جندك الميامين أبطال الجهاد على عدوك وعدوهم وبما يشفي صدور قوم مؤمنين ، وارحم اللهم أسرانا وعجل بفك قيد أسرهم ومكنهم من الصمود بوجه آلة الفتك والتعذيب التي تنهش بأجسادهم ، اللهم أحفظ العراق واحدا موحدا صادقا مخلصا بإيمانه صلبا في بنيانه سمحا مع إخوانه شديدا على عدوه وندامه وخدامه.
بغداد في 15 تموز 2010
عنه/ غفران نجيب
ليت لبعض من تشبث حكما وادعى قيادة شيء مما لديه من
شهامة ورجولة وكرامة ووفاء وكبرياء
في عام 1979 وفي قيظ صيفنا الذي لا يطيقه ولا يألفه غالبا غير العراقيين ، فوجئت فجرا باتصال هاتفي من صديق لي من الكويت يعلمني بوصوله بغداد وانه تواق للقائي ولكن بعد إنهائه بعض الالتزامات التي قدم من اجلها ، والذي رفض الإفصاح عنها لحين الانتهاء منها وأن انتظر منه اتصالا آخر .
الأخ الكويتي كنت تعرفت عليه خلال ترددي على الكويت لإغراض العمل ، ويعلم الجميع ما كانت تعنيه الكويت من بوابة مهمة للعراق اقتصاديا في فترة تنفيذ الخطة الانفجارية ، وحيث ما التقيته في الكويت كان فيض مشاعره المحبة للعراق والعروبة تتدفق من كل حركة أو حرف ينطقه ، يتشارك معه في ذلك إخوانه وأهله وأصحابه حيث ما حللنا ضيوفا برفقته ، وهذا هو حال اغلب أهلنا في الكويت حينذاك ، وكان دائم الاستفسار عن سر قوة الحزب الذي يقود ، والقيادة التي تمسك بزمام المقود تحديا لكل الصعاب والمعوقات ، وهذا الالتفاف الجماهيري غير المسبوق والذي لم نلحظه لأي نظام عربي آخر ، وسر التعلق الجماهيري عراقيا وعربيا بالسيد النائب أبو عدي .
في مغرب ذات اليوم كرر الاتصال الهاتفي ليعلمني بأنه حر من إي التزام ولنتفق خلاله على موعدا للعشاء في مطعم فاروق قرب معرض بغداد ، والمعروف مستواه وسمعته حينذاك لأهل بغداد ،
التقينا وإذا بزائري الكويتي في وضع سعادة لا يمكن وصفه ، احكي لنا أخي ( ولنسمه أبو علي المطيري ) ما قصة مجيئك إلى بغداد بهذا الوقت من السنة ، وما هذا حال السعادة التي أنت فيه والواضح على محياك ، وهل هناك ما تفرحنا به معك ، أجاب وكله ثقة ، أجل ، إن ما احمله يفرح كل وطني وقومي شريف لا بل يفرح امة العرب جميعا ، وان ما شاهدته وما سمعته لا يمكن أن يوصف أو يصدق ... أخي المطيري ادخل بالموضوع مباشرة وارحمنا رحمك الله لشدة ما شوقتنا سماعه ، أجاب :
بكل اعتزاز قدَّمت وعدد من الشباب الكويتي طلبا لمقابلة الرئيس صدام حسين أبو عداي حال سماعنا خبر تسنمه منصب رئاسة الجمهورية للتهنئة بذلك ، ولحد هذه اللحظة غير مصدقين سرعة الموافقة عليها ، والتي بالمقابل شعرنا ضرورة وأهمية سرعة الاستجابة لها خاصة وقد بلغنا إتمام إجراءات دخولنا العراق ، لذا كان لا بد من الحجز على أول طائرة مغادرة الكويت إلى العراق وهو ما حصل فعلا ، وانه في هذه اللحظة التي هو فيها والمكان المتواجد فيه (بغداد) غير قادر تصديق ما أنجز كونه أقرب للخيال لسرعة مجرى كل اللحظات السعيدة التي حدثت والتي هي الأسعد في حياته ورفاقه الذين معه ، وانه قادم للقائنا هذا بعد أن انهوا لقائهم بالرئيس أبو عداي ، وانه سعيد لحجم الأمل والتفاؤل الذي عبر عنه الرئيس عن رؤيته لمستقبل العراق والأمة العربية ، وسعيد أيضا لعلمهم أنهم من أوائل من حضوا بلقائه من العرب وهو في موقعه المسئول الجديد هذا ، واخذ زائري الكويتي متحدثا عن اللحظات السعيدة التي عاشها والتي لا يعرف كيف مرت لما انطوى عليه اللقاء من غنى في الضيافة والترحيب وغنى وشمولية النظرة في الحديث والتحليل والاستقراء لكل ما يدور في المنطقة والعالم ، والمقدرة العالية التي فوجئوا بها التي يتمتع بها الرئيس صدام في استيعابه لأحداث العراق والوطن العربي والعالم ، وقد بدا ضيفنا شعلة من الحماس في وصف اللقاء ووصف ما تم خلاله ووصفه للمناقب الحميدة والخصال الفريدة التي يتميز بها قائد العراق الشاب ، الممتلئ نضوجا وطموحا ، ولتأخذه الحماسة بالطرح لمدى لفت انتباه اغلب المتواجدين في المطعم لحظتها ، ويعلم من زار المطعم انه على الرغم من سمعته الكبيرة ، فقد كان صغير المساحة وقليل الاستيعاب نسبيا وغالبا ما يكون مزدحما لآخره. وهو بحديثه منشرحا ومستمرا في عرض التفاصيل ، وفي جو الحماس هذا أومأ بالسلام لي احد رفاقنا الجالسين ممن كان كادرا في مكتب فلسطين والكفاح المسلح حينها ( فقد في أحداث المحمرة عام 82 ) ، مستأذنا مشاركتنا ومن معه جلستنا حيث رحبت به ورفاقه بعد موافقة ضيفي الكويتي ، وبعد جلوسهم اتضح أن مرافقيه ( فتاة وشاب ) يمثلون شباب عدد من المدن والقرى والبلدات ، داخل فلسطين المحتلة (عام 1948 ) ، وإنهم على وشك مغادرة القطر بعد أن انهوا الغاية من مجيئهم بنجاح ، ومنذ جلوسهم معنا بدا واضحا أن حماس الفتاة ومقدرتها لا يضاهيه أو يقترب منه إلا حماس ضيفنا الكويتي الشاب ( الذي تمت تصفيته فيما بعد على أيدي جلاوزة الأجهزة الأمنية الكويتية لنشاطاته القومية )، وان حماستها أضفت للجلسة وميزتها القومية بعدا خلابا لجميل أطروحاتها فيما يخص مستقبل القضية الفلسطينية ، والدور المؤثر لعرب الداخل فيها ، وأخذت تمحص وتسأل عن كل شاردة وواردة في حديث ضيفي الكويتي عن لقاءه الذي كثيرا ما فاجئها وصفه للسيد الرئيس رغم عمق معرفتها به وبخصاله وإلمامها بكثير من التفاصيل والواضح من حديثها المتواصل ، وقد كان أكثر ما يزعجها أن الرئيس القائد وهو يتسنم منصبه الجديد ، سيشكل له عائقا رئيسيا يقيد حركته النشطة التي عرف بها ، وان تقاليد الرئاسة وأحكامها وتأثيرات زملاء المنصب من الحكام العرب سيكون له بالغ الأثر في تجريده من ميزته هذه ،وحسب إيمانها الذي كررته أكثر من مرة ، أن العرب بحاجة إلى قادة كصدام حسين يأخذوا بيد شعوبهم إلى الموقع الذي ينشدوه إلى المستقبل السعيد للآمة، وهم ليسوا بحاجة إلى حكام بان ضعفهم وتفريطهم بآمال شعوبهم بأكثر من منازلة ومناسبة، وحقيقة عجزنا عن إقناعها أن صدام حسين لا يمكن أن يكون حاكما مثل بقية الحكام ، وان الأيام سوف تثبت لها ذلك ، وقد انتهى لقاء المصادفة هذا بإشادة الحضور العرب لما للرئيس الشاب صدام من دور مرتقب في الأحداث والارتقاء بالعمل العربي والنهوض بالمسؤولية القومية تجاه فلسطين وكافة مشاكل الأمة العربية .
ونحن نهم بالخروج إذا بالسيد برزان إبراهيم التكريتي نائب رئيس المخابرات ، يدخل ومرافق له المطعم ، ومن طريقة الاهتمام التي حضي بها من قبل إدارة المطعم أو من الزبائن الذين يعرفونه ، علمت محدثتنا انه شخصية مهمة وحين سألتنا وعرفت هويته ، سارعت وبحماستها التي ألفناها نحوه والتعريف بنفسها دون إذن مسبق ، وبالمباشر راجية منه أن يبلغ الرفيق أبو عدي قلقها ومن تمثلهم من أن يسلب منصب الرئاسة توهجه وحماسه للقضايا الوطنية والقومية ، وإنها لو كانت رغد أو قريبة للرئيس لما وافقته على ذلك ، وبما فاجأت به بتصرفها هذا السيد برزان ، الذي والحالة هذه كان لابد من أن يتعرف على بقية الحضور معها ، وبعد أن غادرنا عاد مرافقه ليطلب من رفيقنا المنوه عنه أعلاه ، تزويــده بالرقم الهاتفي الخـاص به .
بعد منتصف الليل يرن جرس الهاتف وإذا بمدير مكتب نائب رئيس المخابرات يبلغ بتوجيهه السيد نائب رئيس المخابرات ، المتضمن سلام الرفيق القائد ( مشددا ليس الرئيس ) لها وان تطمئن وكل مناضلي فلسطين أن صدام حسين لم ولن يكن إلا ثائرا من اجل فلسطين والأمة ولن يحيده عن هذا أي عامل صغر أم كبر ، وإنها وهي في وضعها النضالي لدينا اكبر وأعز من رغد ، أو أي ذي صلة بصدام حسين مهما قربت . هذا ما علمناه في صبيحة اليوم التالي ، ولما كانت الرفيقة المذكورة ضيف مكتب فلسطين ولمغادرتها القطر بذات الليلة وبعد عشاء التوديع الذي أقيم على شرفها ، فقد علمنا من رفيقنا المعني أن المكتب سيعالج موضوع إبلاغها الرسالة المتضمنة توجيه السيد الرئيس على وجه السرعة وبوسائله الخاصة .
ليتمعن الأخ القارئ جيدا وبحيادية مطلقة لموقفه رحمة الله عليه ورضاه وهو في بداية عهده قائدا للعراق ، من مشاكل الأمة وفي مقدمتها قضية فلسطين وما ورد أعلاه سوى واحد من هذه المواقف ، وليقارن البداية مع ما انتهت إليه الأمور والتي خاتمتها كانت الهتاف مجلجلا لنصرة فلسطين والأمة قبل نطقه الشهادة مؤمنا صادقا بإذن الله ، وما بينهما من مواقف طيلة تحمله المسؤولية بجد وشرف لم تثنه أبدا مخاطر ما مر به شخصيا والعراق من الانتصار دوما لفلسطين والأمة قولا وفعلا شجاعا مباركا، ولم تتزحزح مواقفه الوطنية والقومية قيد أنملة ، وظل داعيا إلى الوعي والصمود بوجه الإعصار الصهيوني المغلف أمريكيا والذي يستهدف ليس صداما أو العراق وإنما يستهدف الأمة من خلال محاولة فرضهم لشروط الحياة وشكلها الذي نعيش ، وهو ما تم تنفيذه من خلال الغزو الأمريكي المؤيد رسميا من اغلب النظام العربي والاحتلال الذي فرض على العراق وتنصيب إمعات تحكم لصالح الولايات المتحدة الأمريكية وإيران في مقاربة لا يمكن أن تحدث من دون التقاء مصالح استراتيجي بينهما يحرص الطرفان على نفيه إمعانا في تضليل النظام العربي والفرد العربي عن حقيقة ما يجري وما هو مخطط للأمة وأقطارها . رحمك الله أيها الرمز الخالد بإذنه تعالى صدام حسين المجيد وتقبّل شهادتك وجعل مثواك الجنة بين من تحب من الرسل والصديقين والصالحين ، فوا لله قد كفيت ووفيت ، ولا نعلم إن كنا سنعاصر قائدا يقترب مما حملته من حسن السلوك والصفات والشجاعة والعفة والإقدام .
اليوم والعراق قد لحق به ما لحق جراء تواطؤ متعدد الجوانب وإذعان لا شبيه له لصالح الصهيونية العالمية ، فأن قراءات الأمس وخطاباتها أصبحت ليس ذات جدوى ، إن لم تقترن بفعل البطولة المستنبط والمستحدث من آلام الوطن والشعب والأمة بفعل الاحتلال وعملائه ، وإذ توالت الأيام بين مد وجزر وكان واضحا بجميع أحوالها ومتغيراتها أن الثابت فيها هو مبدئية الرئيس صدام حسين وحرصه الشديد تطويع كامل المتغيرات مهما عظمت لهذه المبدئية . واليوم والرئيس الشهيد رحمة الله عليه ورضاه غادرنا بأبهى صور البطولة والعنفوان لم ينكث له عهدا ، ولم يساوم ولو على جزء من المبدأ وظل مرفوع الهام ، علينا أن نقر أن التاسع من نيسان 2003الذي أرادوه أن يكون يوم حزن وسواد في حاضرنا ممتدا إلى مستقبل مسعاهم الجدي أن لا يختلف عن اليوم الذي نعيش إن لم يكن الأسوأ ، علينا وبإرادتنا التي سوف لن تلين بإذن الله أن نجعله يوم ولادة جديدة للقائد العظيم وللبعث العظيم ، وما أنجز خلال أعوام الاحتلال المنصرمة (رغم شدتها ) من انجازات على صعيد مقاومة المحتل إلا تأكيدا لذلك ، ولكن هل ما تم انجازه أوصلنا إلى هدفنا بتحرير الوطن ، وهل هناك ما يمكن أن نضيفه كي تتمكن بنادقنا وأقلامنا وكل قوانا مجتمعة من دحر العدوان وعملائه ، نقول نعم علينا أن نجد دائما عناصر جديدة للتعجيل بالنصر من خلال البحث والتقصي ومن خلال تحليل كل مفردة مرت من مفردات عملنا المقاوم ، ومهما كانت نتيجتها ( سلبا أم إيجابا ) للعثور من خلالها على ما هو مستجد نفاجئ به العدو ، ولا يخفى أن من بين أكثر نقاط العدو ضعفا رغم جبروت قوته المسلحة ، هو جهله بتفاصيل الحالة العراقية ، واعتماده بشكل كامل على ما يسمعه من عملائه ، وهذه الميزة المحسوبة لصالح العمل المقاوم تبقى ظرفية لقدرته تجاوزها من خلال ما يمكن أن يحققه جراء نشاطه ألاستخباري ، وجراء إخضاعه العديد من أبناء شعبنا للاعتقال والتحقيق معهم وبما يمكنه من توظيفها لتعزيز قاعدة معلوماته ويمنحها القدرة على اللحاق بالفعل المقاوم إن لم يتمتع الأخير بميزة المناورة العالية والمراوغة في الميدان وقدرته على إرباك أجهزة استخبارات العدو من خلال جهد إعلامي وتنظيمي مموه ومخادعة فاعلة مسيطر عليها ، تسند الفعل المنفذ والمخطط له ويكون قادرا على إيجاد البدائل وابتداعها وبما يوفر للعمل المقاوم عناصر الحماية اللازمة ، وعناصر ومقومات مفاجئته وقت حاجتها وبما يصيبه بمقتل ، والأخطر في ذلك الذي يفترض تجنبه أن يتمكن المحتل من بناء قاعدة معلومات ونظم استخبارات تمكنه ليس فقط اللحاق بالعمل المقاوم ، لا بل انتظاره وإحباطه قبل الشروع به ، وهذا ليس مستحيلا في الجانب النظري إن لم ترتق فصائل الجهاد إلى مستوى متقدم من الأداء التنظيمي والميداني والتنسيق عالي المستوى بين أطرافها والعمل على انسيابية المعلومة التي تخص العدو بكل يسر بين فصائلها وفق ضوابط أمنية صارمة ، ومفيد التذكير أيضا أن من بين الأسباب الرئيسية للعدوان والغزو الأمريكي للعراق ومن ثم احتلاله هو الانتصار للكيان الصهيوني ، بعد أن تمكنت قيادة الرئيس الشهيد صدام حسين رحمة الله عليه ورضاه من إحباط الوظيفة الإستراتيجية لهذا الكيان في إطار المخطط الأمريكي للسيطرة على المنطقة والعالم ، لما حققته من قفزات نوعية على كافة المستويات لتجعل من العراق قوة محورية ناشئة على مستوى الإقليم والمنطقة والعالم تتطلع لأفق مفتوح رآه البعض شديد الخطورة على المصالح الأمريكية والغربية ، وبما لا يمكن أن يترك دون إعاقة وبأي ثمن كان ، لما يترتب من انطلاقتها من إضرار بالمصالح والقوة الأمريكية وطموحها في إخضاع العالم لسيطرتها ، لنصل إلى نقطة الارتباط التي دائما ما أكدها الحزب ومؤسسه رحمه الله أن فلسطين طريق الوحدة والوحدة طريق فلسطين ، وهو الهدف الذي لازم رئيسنا الغالي رحمه الله وحتى آخر لحظات حياته حين نادى منتصرا لفلسطين وهو شامخا يعتلي المنصة التي أرادوها لقتله بكل الكبرياء والرجولة والأيمان بالله والمبادئ ليجعل منها سلما للمجد والرجولة والإباء ، فهل يا ترى تشح فلسطين وأهلها النجباء عن نصرة العراق ونصرة الشهيد صدام حسين رحمة الله عليه ورضاه ، وهل أن كلمات التمجيد والاحتفالات البروتوكولية التي تقام بهذه المناسبة أو تلك في داخل فلسطين هي كافية للتعبير عن عمق العلاقة بين الثورتين وبين الشعبين ،هنا يحضرني قولا للإمام الشافعي رحمه الله ( لا خير في ود أمريء متلون ... إذا ما الريح مالت مال حيث تميل ) ، فهل يا ترى لم يدرك إخواننا في فلسطين بعد.. أن احتلال العراق من قبل الإدارة الأمريكية ما هو إلا اعتراف صارخ بتمكين ( إسرائيل ) من كل المنطقة وليست فلسطين فقط ، وان ما سيحصل عليه النظام العربي الذي أيد المسعى الأمريكي بكل خسة وغباء ليس غير فتات المصلحة بينهما ووفق مشيئة الكيان الصهيوني وإرادته ، وليقس إخواننا في فلسطين ما هي النتائج المرجو الحصول عليها من الإدارة الأمريكية أو( إسرائيل ) ، وهل أن نضالات الشعب الفلسطيني وتضحياته مفتوحة النهايات ولا تستحق استمرارا لمعركة استرداد فلسطين من النهر إلى البحر وتصعيدا لها ، و لتمريغ العدو الصهيوني وحل الهزيمة وتعظيما لخسائره طالما أن نتيجة المساعي السلمية كما يحلو البعض تسميتها سوف لن تصل إلى نهاية قريبة ولن تصل ، وان وصلت فإنها سوف لن تلامس المصلحة الوطنية الفلسطينية في شيء ، وان أكثر ما سيجود به العدو الصهيوني ليس سوى تمكين البعض من عملائه للحصول على مكاسب وامتيازات تحت أي مسمى كان ، وليوظفه فيما بعد لصالحه ، وعلى حساب الكرامة والشرف الفلسطيني ، أ ليس من حقنا أن نسأل وبعالي الصوت أين هم شباب فلسطين مما يجري على أرضهم وعلى ارض العراق وغيرها من مواقع التصدي للإخطبوط الصهيوني المدعوم أمريكيا ، أين أبناء الداخل ( أبناء فلسطين 48 ) ممن كان لهم السبق في تشخيص نكوص بعض القيادات وسيرها في طريق تحقيق المصلحة الصهيونية تحقيقا لبعض المصالح الدنيا على حساب المصلحة العليا لفلسطين والأمة ، وأين رفيقتنا التي اشرنا لها ورفاقها ، ومتى يسمع لهم صوتا ؟ وأين أبطال الحجارة من شرفاء غزة والضفة الغربية مما يجري ويحدث ، الذين فرضوا الثورة والانتفاضة بإرادتهم الوطنية المجاهدة ، وأين استجابة كل عربي ومسلم لمتطلبات الشرع إن كان متوجها بصدق وإيمان في صلاته لرب العباد في مجاهدة الكافر المحتل لديار المسلمين ،
عالية دوما ثقتنا بشعبنا المجاهد في كل أرجاء أرض العروبة وأرض الهجرة والشتات كما هي ثقتنا بشعبنا المسلم في مواقع تواجده ، ولن يخدعنا انحراف البعض وملازمته الشيطان على حساب قيم الأرض والسماء ، ولكن المطلوب أيضا من أهلنا في كل مكان الاستجابة الفاعلة لمتطلبات الشرع ومتطلبات الدفاع عن النفس وصد العدوان وقبره وبما يجيد به كل منهم من كريم الأفعال والمواقف الملموسة والتي تمهد الطريق سويا صلبا نحو التحرير ، وان يشرع أبناء شعبنا وامتنا بالتخلي عن كل القيادات العاجزة أو تلك التي تورطت بإسناد المحتل من خلال صمتها المعيب أو تعطيل فعلها المقاوم واكتفائها بما تسبخ عليه وظيفتها بعنوانها المعارض للحاكم من منافع مادية وتشبثها في ذلك كفعل بروتوكولي تنشط حين يطلب منها ذلك وتسبت لاجترار المغانم في غيره ، حالها حال أي عضو في حكوماتنا العربية حكومات الخنوع والانبطاح ، وان يثب شباب هذه الأمة كما هو شأنهم دائما حماة لها قابضي على الجمر في سبيل رفعتها وعزتها ، وان يستيقظ من هو واهم بان مستقبل الشعوب ممكن أن يحققه الضعف والقنوط . أن القوة هي ليست السلاح وحده ، القوة قوة الإيمان حين نوظف كل شيء بتضحية وإخلاص لأجل شريف الهدف والمبدأ وهذا لا حدود له لمن أراد الانتفاض من اجل وطنه وتحريره وشعبه وأمته .
في ذكرى تسنمه الموقع الأول في الدولة رحمة الله عليه ورضاه ، لا يسعنا إلا التأكيد إن الاستهداف الصهيوني الأمريكي للعراق وقائد العراق رحمه الله هو استهدافا للمنهج الذي سار عليه ، وان من اصطف دون علمه مع الهدف والمسعى الأمريكي الصهيوني في التخلص من النظام الوطني في العراق وقائده البطل لا نقول له إلا انك أخطأت بحق الله والوطن والشعب ونكررها بلا خجل ، ولمن تعمد الانخراط بالمشروع الدموي ألاحتلالي الأمريكي انك أجرمت بحق نفسك وشعبك ووطنك حين طأطأت الرأس صاغرا لأعداء الأمة والشعب ، ولتمهد بفعلتك القذرة السبيل لتدمير العراق حاضرا ومستقبلا ، بشرا وحجرا ، وما الفشل الذر يع الذي أصاب مشروع الاحتلال ومن جاء به أو معه إلا شاهدا صارخا يعيشه المواطن العراقي صباح مساء خطرا داهما يهدد حياته على الصعيد الأمني ، ومهددا حياته جراء نقص الخدمات المريع وتفشي الأمراض الكبير بكل أشكالها العضوية والاجتماعية مع غياب كامل للخدمات ، وتآكل في الحصة التموينية لصالح سرّاق الشعب من كبار موظفي وزارة التجارة ومن اغلب وكلاءها ، وتفشي البطالة المتنامي ، فضلا عن عمليات التهجير المنظمة والتغير الديمغرافي الهادئ في كثير من مناطق العراق وتحديدا في العاصمة بغداد ، وتعاظم النفوذ الخارجي بكل ألوانه وأطيافه ومنها النفوذ الصهيوني في تسيير دفة الحكم وبرعاية أمريكية وبرضا وسكوتا مطبقا لمن تشدقوا بالعروبة والإسلام ، وبعالي الصوت نقول لهم ..فشلتم ونجح صدام بامتياز ، نجح يوم أدار البلاد في أحلك الظروف والمواجهات السياسية والعسكرية والأستخبارية والاقتصادية والاجتماعية مع خصومه الذين شكلوا اغلب دول العالم المؤثرة ، والعالم اغلبه يمد العدوان وأدواته بكل مقومات التأثير السلبي على العراق ، نجح وخلق من المستحيل ما مكنه من تسيير عجلة الحياة في العراق ومنعها من أن تتوقف ، وفشلتم يوم وقف العالم المنافق يؤيد كل أخطائكم وخارج الشرعية الدولية والأعراف الإنسانية ،دعما متواصلا بالمال والخبرات والمعدات والحماية الأمنية والعسكرية من دون أن يكون لكم أية دالة تؤشر أي نجاح في أي مرفق من مرافق الحياة عدا نجاحكم المهين في بيع الشرف والعزة والكرامة وتفريطكم بالعرض والأرض مقابل عيشكم خنّع في أقفاصكم في المنطقة الغبراء تلوكون ما يرمه لكم المحتل من فتات ، قبحكم الله واقتص منكم بعدله وغضبه ، وثانية نجح صدام وفشلتم يوم قاد المقاومة الوطنية للمحتل لتسطر بأحرف من نور في سفر التاريخ مآثر لا يمكن إلا أن تخلد عنوانا صارخا لوطنيته ومبدأيته ، وانتم ومن جئتم به وجاء بكم هلعون ليس لكم في العراق الذي دمرتموه موطئ قدم آمن ، ونجح صدام وفشلتم حين حاكم قاتلوا شعبه وجلادوه في محكمة العار التي نصبتم وانتصر انتصارا باهرا في فضح كل الزيف الذي روجتم له وفاح كل النتن الذي ظننتم أنكم ساتروه ، وانتصر صدام وخسئتم حين اعتلى سلم المجد مكبرا للواحد الأحد منتصرا للعراق ولفلسطين وللأمة ، منتصرا للعدل والإنسانية وفشلتم حين لم تجدوا ما يستر عيوبكم وأشكالكم القبيحة غير الخرق السوداء التي ارتديتم ، وبهذه المناسبة نقول لإبطال الجهاد أمل الأمة في العزة والتحرير، أن الكيان الصهيوني ومن يدور معه في الفلك الأمريكي ( وإيران ليست بعيدة عنه ) سوف لن يسمحوا لأية قوة بالبروز تعمل لأجل معافاة العراق وإعادته وطنا رائدا سيدا على أرضه حاكما لنفسه حرا بخياراته ، وان خيار المقاومة لمن ينشد الحرية والاستقلال لن يكون إلا الخيار الأهم والحاسم في المنازلة التي تدور والأطول أمدا ، وعليه فان استعجال النتائج دون التحضير المتقن لحسم نهاياتها لمصلحة الوطن والآمة ومن دون إدامة زخم الأذى والخسائر بالمحتل وأعوانه سوف لن يكون إلا سببا في إرباك مسيرتنا نحو الحرية ودحر المحتل ، وان كان للمحتل أن يراهن على عامل الزمن في حسم عدوانه لصالحه ، علينا أن نجعل من رهانه هذا شركا متواصلا يجني ثمار حماقاته فداحة في الخسائر المادية والمعنوية وصولا إلى هدفنا الرئيس في دحره .
ارحم اللهم شهداء العراق أشراف العراق ، وفرج اللهم كرب العراقيين بنصر تكلل به جهد جندك الميامين أبطال الجهاد على عدوك وعدوهم وبما يشفي صدور قوم مؤمنين ، وارحم اللهم أسرانا وعجل بفك قيد أسرهم ومكنهم من الصمود بوجه آلة الفتك والتعذيب التي تنهش بأجسادهم ، اللهم أحفظ العراق واحدا موحدا صادقا مخلصا بإيمانه صلبا في بنيانه سمحا مع إخوانه شديدا على عدوه وندامه وخدامه.
بغداد في 15 تموز 2010
عنه/ غفران نجيب